لماذا يَكثر الطلاق في بلاد الأحباب؟

12 أغسطس, 2010

هناك مفارقة حقيقية فيما يخص الزواج والطلاق بين المجتمعات الشرقية والغربية…

فالزواج في الغرب قرار شخصي وفعل اختياري ، ويعتمد على وجود الحب قبل الزواج…

أما في الشرق فهو قرار عائلي يختار فيه الأهل الطرف المناسب اعتمادا على معايير تقليدية مجردة (لا تدخل ضمنها العواطف المسبقة)…

والعجيب أن النوع الأول من الزواج يتمتع بنسبة طلاق أعلى (رغم أنه قرار شخصي وخاضع لحب مسبق) في حين تقل نسبة الطلاق في النوع الثاني (رغم انتفاء الخيار الشخصي وعدم وجود معرفة مسبقة بين الزوجين)…

وهذه المفارقة المدهشة يمكن ملاحظتها حتى خارج المجتمعات الاسلامية حيث تقل نسبة الطلاق بين الزيجات المدبرة في تايلند وسري لانكا والهند مقارنة بفرنسا وأمريكا وكندا حيث يقف الحب خلف 98% من الزيجات!!

… وأنا شخصيا لا أعتقد (وأرجو أن تعذروني في هذا القول) بأن الأهل أكثر حكمة وأدرى بمصلحة الولد أو البنت من نفسه.. وأرى في المقابل أن اختلاف مفهوم الزواج والهدف من الارتباط هو سبب التفاوت بين نسبة الطلاق في الشرق والغرب..

فدافع الزواج الأول في الغرب هو الحب والرومانسية والوقوع في العشق والغرام ، في حين يأتي تكوين الأسرة وتربية الأطفال والحفاظ على إرث العائلة في المقام الثاني…

أما في المجتمعات الشرقية فالهدف الأول من الزواج هو تكوين الأسرة وتربية الأولاد والحفاظ على اسم العائلة ،. في حين يأتي الحب لاحقا نتيجة العشرة الجميلة بين الزوجين…

وهكذا حين يخفّ الحب بين الزوجين (في الحالة الأولى) يختفي الرابط الأساسي للزواج ولا يبقى أمام الطرفين غير الانفصال…

أما في الحالة الثانية؛ فالحب لم يكن موجودا في الأصل أو لنقل لم يكن الدافع الأساسي ومع هذا تستمر مؤسسة الزواج لتأدية رسالتها الأساسية (تكوين الأسرة وتربية الأطفال والحفاظ على إرث العائلة)!

… وبطبيعة الحال لا ينكر أحد أن الحب والغرام أمر جميل ورائع، ولكن لا أحد ينكر أيضاً أنه مرشح للخفوت والزوال في أي سنة من سنوات الزواج .. وفي المقابل تضمن المودة والرحمة والاحترام المتبادل استمرار العشرة الزوجية إلى نهاية العمر حتى في حال فشلها في بلورة (حب لاحق)!!

.. أضف لكل هذا أن هامش الحرية الفردية في المجتمعات الغربية يتيح لكلا الطرفين الانفصال في أي وقت ولأي سبب فور خفوت مشاعر الحب (ولابد من خفوتها بمرور الأيام).. ولهذا السبب بالذات نلاحظ أن الدول التي يغلب فيها عيش الزوجين دون رابط رسمي تتمتع بأعلى نسبة طلاق في العالم (حيث ينفصل في كل عام 50 زوجاً من أصل 1000 في روسيا والدنمارك)!!

أما الجانب غير الرومانسي في الموضوع فهو أن الزوجين في المجتمعات الشرقية لا يتمتعان بهكذا حرية وبالتالي قد تجد زوجة مظلومة ومقهورة (ومضطرة لقبول الطبينة) ومع هذا لا تطلب الطلاق خوفا على مصيرها ومصير أطفالها وبالمثل قد تجد رجلا يتحمل نشوز ونكد زوجته لمجرد الحفاظ على تماسك المنزل وسمعة العائلة والخوف من كلام الناس في حال الانفصال!!

… كل هذه المقارنات تثبت أن الزواج بدافع الحب (فقط) مهدد بالتفكك والانفصال مقدماً (وبنسبة 40% حسب الإحصائيات الأمريكية)..

أما الزواج بدافع الالتزام العائلي (بجانب الحب الذي قد يتبلور لاحقا نتيجة المودة والاحترام) فيتمتع بقدر أكبر من الاستقرار والاستمرار كما هو ملاحظ في المجتمعات الشرقية المحافظة!!

.. ولاحظوا معي..

على عكس المودة والرحمة، لم يأت ذكر العشق والغرام في قوله تعالى:

(ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة)..

فهد عامر الأحمدي

Be Sociable, Share!
هذا الموضوع كتب في أغسطس 12, 2010 في الساعة 3:18 م ومصنف بهذه التصنيفات: مقالات مختاره. يمكنك متابعة التعليقات على هذا الموضوع عن طريق ملف الخلاصات RSS 2.0. يمكنك أن تكتب تعليقاً, أو تعقب على الموضوع من موقعك.

التعليقات

7 تعليقات على موضوع “لماذا يَكثر الطلاق في بلاد الأحباب؟”

  1.   ماعون | يوم 12 أغسطس, 2010 | الساعة 3:31 م  

    كنت على الدوام اقول ان الحب ليس الاساس في الحياة الزوجيه
    طبعا الحب شيء مهم جدا
    ولكن الاتفاق الفكري والتصور المشترك للحياة والنظرة المتقاربه على الاقل هي الاهم في الوصول بالحياة الزوجية الى بر الامان
    غالبا ما يكون هناك حب ولكن ليس هناك توافق فكري ولا نظرة مشتركة ولا اسلوب واحد في تربية الاولاد.الزوج ذو نظرة تقليديه والمرأة اكثر انفتاح والعكس احيانا يكون سبب في افشال الزواج مع وجود الحب

  2.   سعيد الحظ سعيد | يوم 12 أغسطس, 2010 | الساعة 5:46 م  

    تأبيدتي
    بدأت بزواج ثم حب ثم تفهم ثم تفاهم ثم خلافات تتفاقم
    ومنذ السنة الأولى ظللت اردد في كل مره
    أنا هاسيبك وأحيانا اقو لمي ملابسك وأنا جامد جاد حاد جدا
    فإذا بدأت تلملم أغراضـها وهي في حالة من الجزع والقهر والحزن
    وتستفسر مني إن كنت جادا ومصمما ونتوي على الفراق لأجل خلاف بسيط لم تبدأه هي ولم تكن في مخطئه
    فأرد عليها إنتي شايفتني صـاحي وإلا مجنون فترد المسكينه إلا صـاحي
    فأرد خلاص إذا شايفتني صاحي خذي أغراضك وأرحلي
    ولو شايفتني مجنون وبتجنني معي فرجعي أغراضك وخلينا في سرايانا الصفرا
    أحسن ما كل واحد يروح سرايا جديده يمكن تناسبه
    يعين ويش فيك تلعب بي لمي عفشك وروحي
    وألا أقول إجلسي نتجنن سوى
    لا والله انا ابغى واحد صاحي أعتمد عليه
    نهايته الحب يصنعه الله بعد الزواج إن كان الزوجين طبيعيين
    ولكن المودة والرحمة أقوى من اي حب
    والله قد نسيته أنا باقي على عشرتها ومكمل التأبيده المهم تكون هي سعيده غير جزينة أو مقهوره

    وربنا يتولاني بأمضيها شهر في سنه في عقد ولا أظن القرن ملحوق حتى في بلاد بالقرن

    الله قد حماني بعدم قدرة سجاني على القراءه لأنها جنبي هالحيسن جايبتلي الشاي الثقيل المخصوص زي دمي يوم أنكت
    وإلا كتاباتي تودي ورى الشمس

  3.   سعيد الحظ سعيد | يوم 13 أغسطس, 2010 | الساعة 1:25 م  

    قد إطلعت علة الموضوع
    ورأي غيري يهمني قبل تكرار نفسي لأن ما قلت هو ما شعرت به اثناء القارءة الأولى
    شكرا

  4.   ممــــــــــــــــــرض عاطل | يوم 18 أغسطس, 2010 | الساعة 2:15 م  

    فعلا كلام راقي وجميل

  5.   المحش | يوم 19 أغسطس, 2010 | الساعة 1:01 ص  

    الزواج واقع تنكشف فية كل خفايا ايام الحب الحالمةالمخادعة فيحتاج للصبر على العيوب في مقابل المحاسن من كلا الطرفين .

  6.   خلود 99 | يوم 31 أغسطس, 2010 | الساعة 1:21 ص  

    عندما نشر المقال لأول مرة
    لم استطع التعليق عليه لظروف خاصة 🙁
    وعندما قرأت التعليقات
    وجدت تعليقك منشورا
    يعبر عن نفس ما أردت أن اكتبه
    التوافق الفكري وتشابه الاهتمامات والشخصيات هو السبيل لزواج ناجح

  7.   فاهمة | يوم 9 سبتمبر, 2010 | الساعة 3:06 ص  

    عند الغرب يذبل مع مرور الزمن لان الزواج عندهم “مصالح ” كما نقرأها بالصحف
    أما عند الشرقيين يكبر بمرور الزمن بداية بالزواج و التعاون لبناء اسرة وتربية الابناء
    أنا أرى أن الحب مهم لكنه لحاله ما يكفي إذا كان بلا احترام متبادل وتعاون وتضحية ومودة
    برايي الحب لا يأتي أول لكنه ناتج عن عوامل ساعدت في صناعته

اكتب تعليق





يمكنك أيضاً متابعة التعليقات على هذا الموضوع عن طريق ملف الخلاصات RSS 2.0