الجود والكرم

6 سبتمبر, 2010


لم تتسابق العرب لكسب شيء ونواله أكثر من الكرم فهو أفضل الخصال وأحبها إليهم

فمدحوا وأشادوا من اتصف بها وتحلى

وكرماء العرب كثير

منهم حاتم الطائي وخالد بن عبدالله القسري

ومن كمال هذه الخصلة أن الله اتصف بها فهو الكريم سبحانه

والكرم  ضد اللؤم وقد كرم بالضم كرما فهو كريم وقوم كرام وكرماء

وقيل في مدح الكرم والجود كثير

ومنه

من جاد ساد , ومن بخل رذل , وإن أجود الناس من أعطى من لا يرجوه. إن أعفى الناس من أعفى عن قدرة.

وقيل

أجود الناس من جاد عن قلة وصان وجه السائل عن المذلة.

وفي هذه العجالة نذكر بعض ما قيل في الكرم والجود

فقال الأول

وأيقنت أن الجود منك سجينة  .. وما عشت عيشا مثل عيشك بالكرم

ومنه قول الشاعر

إن الجود بذل لم تكافئ به صنعا   …  ولا تنتظر به جزى رجل

ولابن الرومي

رأيتك تعطي المال إعطاء واهب   ..   إذا المرء أعطى  المال إعطاء مشتري

ولست بمبتاع المحامد باللُهى    ..    فتلقى جواداً جوده جود متجر

ولست بمجبول على ذلك الندى      ..   فلتفى جوادا جوده جود مجبر

وفي الناس من يعطي  عطاء متاجر   ..   وآخر  يعطي  كالسحاب المسحر

وقال عدي بن زيد

أن الكرام  إذا ما أيسروا ذكروا  ..  من كان يألفهم في المنزل الخشن

ولجواد العرب حاتم الطائم

قوله

أمـاوي إن المـال غـاد و رائـح ….. ويبقى من المال الأحاديث والذكر
أماوي ما يغني الثراء عن الفتى ….. إذا حشرجت يوماً وضاق بها الصدر

ويقول الشافعي

إني لقوام إلى الضيف موهنا    ..   إذا أغدق الستر البخيل المواكل

وما دون ضيفي من تلاد تحوزه   ..   يد الضيف إلا أن تصان الحلائل

يالهف نفسي على مال أفرقه   ..   على المقلين من اهل المروءات

إن اعتذاري إلى من جاء يسألني   .. ماليس عندي لمن إحدى المصيبات

ومدح الحطيئة كريما فقال

متى تاته تعشو الى ضوء ناره     ..   تجد خير نار عندها خير موقد

وقيل

أسأتم وأبطأتم على الضيف بالقرى    ..    وخير القرى للنازلين المعجل

وللأخطل

واني لحلال بي الحق أتقي    ..   أذا نزل الأضياف أن أتجهما

وعن عروة بن الورد هذان البيتان

فتخرا

فراشي فراش الضيف والبيت بيته  ..  ولم يلهني عنه غزال مقنع

أحدثه أن الحديث من القرى    ..   وتعلم نفسي إنه سوف يهجع

وشاعر النبطي محمد القاضي

يقول

فلما أتاني والسماء تبله   ..  فلقيته أهلا وسهلا ومرحبا

الفقر هدام براسه صعاله     ..   والجود من ماجوده  إن ثار بعقال

من جاد ساد ومن شح بحلاله    ..  ما أدرك مرام ولا صعد مصعد  عال

وقيل

يجود علينا الخيرين بمال ٍ  ..  ونحن بمال الخيرين نجود


وللشافعي ايضا

ولاترجُ السماحة من بخيل  ..   فما في النار للظمآن ماء

تستر بالسخاء فكل عيب    ..     يغطيه كما قيل السخاء

ولاترج السماحة من بخيل   ..    فمافي النار للظمأن ماء

وقال القاضي ايضا

من جاد في عرضه خطا ذل نفسه      ..   ومن جاد في ماله صعد عز وإجلالي

وقيل في النبطي ايضا

من جاد سمته جاد في هذا وذا     ..    والمرجله ماهي بورث تحجرا

وللصفدي قوله

من جاد ساد وأحيا العالمون له      …      بديع حمد بمدح الفعل متصل

ويقول المتنبي

والغنى في يد اللئيم قبيح    ..  قدر قبح الكريم في الإملاق

وايضا قوله


إذا أنت  أكرمت الكريم ملكته   …   وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا

ووضع الندى في موضع السيف بالعلا  ..   مضر كوضع السيف في موضع الندا

وله أيضا

فأحسن وجه في الورى وجه محسن   ..  وأيمن كف فيهم كيف منعم

وله أيضا

إذا الجود لم يرزق خلاصا من الأذى   ..  فلا الحمد مكسوبا ولا المال باقيا

وللنفس أخلاق تدل على الفتى   ..  أكان سخاء ما  أتى أم تساخيا

وقيل

من عود الناس إحسانا ومكرمة    ..    لا يعتبن على من جاء في الطلب

وأبن الرومي يقول

ليس الكريم من اشترى بنواله   ..  حمد الرجال وإن أنال جزيلا

لكنه من جاد جود طبيعة   ..   ورأى الفعال من الفعال جميلا

ومن اجمل ما قيل العطاء هذا البيت للمقنع الكندي

ليس العطاء من الفضول سماحة   …  حتى تجود وما لديك قليل

ولحاتم الطائي قوله

وأني لعبد الضيف ما دام ثاويا   …  وما في إلا  تلك من شيمة العبد

ويقول بشار بن برد

إن الكريم ليخفي عنك عسرته   …  حتى تراه غنيا وهو مجهود

إذا تكرمت أن تعطي القليل ولم   .. تقدر على سعة لم يظهر الجود

وقول ابو فراس الحمداني

ليس جودا عطية بسؤال   …   قد يهز السؤال غير الجواد

إنما الجود ما أتاك ابتداء  ..  لم تذق فيه ذلة الترداد

ويقول ابن المقري

أفضل الجود ما لا من يتبعه   … ولا تقدمه شيء من المطل

وقيل

فضحت جودها بطول مطال   ..   حالفته وآفة الجود مطل

ويقول البستي

من جاد بالمال مال الناس قاطبة    …  اليه والمال للإنسان فتان

ولصريع الغواني قوله

إذا  كنت ذا نفس جواد  ضميرها    ..   فليس يضر الجود من كان معدما

وفي أعظم درجات الجود يقول مسلم بن الوليد

يجود بالنفس إذ ضن الكريم بها   ..  والجود بالنفس أقصى غاية الجود

ولبن عبد ربه قوله

ما كلف الله نفسا فوق طاقتها   …   ولا تجود يد إلا بما تجد

ومن لدية إضافة لا يبخل علينا

Be Sociable, Share!
هذا الموضوع كتب في سبتمبر 6, 2010 في الساعة 7:36 م ومصنف بهذه التصنيفات: قطاف. يمكنك متابعة التعليقات على هذا الموضوع عن طريق ملف الخلاصات RSS 2.0. يمكنك أن تكتب تعليقاً, أو تعقب على الموضوع من موقعك.

التعليقات

5 تعليقات على موضوع “الجود والكرم”

  1.   وجهة نظر | يوم 14 سبتمبر, 2010 | الساعة 2:25 ص  

    يجود بالنفس إذ ضن الكريم بها .. والجود بالنفس أقصى غاية الجود

    من لم يجد بالنفس عن صاحبا .. جادة به النفس من احل صاحبه

  2.   خلود 99 | يوم 18 سبتمبر, 2010 | الساعة 5:32 ص  

    الكرم والجود من أجمل اهم الصفات التي يتصف بها العربي
    والجميع يدعي امتلاكه لهذه الصفة فلن تجد شخصا يعترف ببحله , بل ريما تجد البخيل أكثر من يفتخر بكرمه لأنه يرى أن القليل الذي يقدمه شيء عظيم (طالع من قلبه !!)
    اللم اني اعوذ بك من الشح والبخل وممن اتصف به

  3.   متقاعد | يوم 27 سبتمبر, 2010 | الساعة 3:15 ص  

    قال الله تعالي في الكرم ( ويؤ ثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة )
    الجود والكرم من اخلاق العرب ، والجود اجل مفاخرهم وابقى ماثرهم
    تنافسوا بالجود والكرم وطار صيتهم في سماء الجزيرة .

    إن الكــريم الذي لا مال في يـده …. مثل الشجاع الذي في كفه شلل
    والمال مثل الحصى مادام في يدنا …. فــليس ينفع إلا حيـن يـنتقل
    يا أبن عتبة بنت عبدالله
    لم تخيب أمك عافياً
    ولم تبقى من المال باقياً
    ولم يزدها الفقر إلا كرماً
    رضعت الجود من صدراً
    ينبع الكرم بصدرها مسترسلاً
    حتى سار الجود با حاتما مثلاً
    ( أريني جواداً هزلاً لعلني
    أرى ما ترين أو بخيلاً مخلدا
    و إلا فكفي بعض لومك واجعلي
    إلي رأى من تلحين رأيك مسنداً
    يقولون لي أهلكت مالك فاقتصد
    وما كنت لولا ما يقولون سيداً
    كلوا الآن من رزق إله و أيسروا
    فان على الرحمن رزقكمو غداً )
    كان يفك العاني
    ويحمي الذمار
    ويقرى الضيف
    ويشبع الجائع
    ويفرج كرب المكروب
    ولم يرد سائلاً
    أين كرماء ذاك الزمان من كرماء هذا الزمان ؟

  4.   النادي | يوم 30 سبتمبر, 2010 | الساعة 2:20 م  

    جميل جدا
    الكرم فهو صفة
    انسانية والنبي صلى الله عليه وسلم
    افرج عن ابنة حاتم الطائي عندما أسرت
    بعد أن عرف أنها ابنة حاتم
    كم أن الكرم طريقا للجنة فهو عبادة
    لمن نوى به وجه الله لكن للأسف بعض المطاوعة
    يعتقدون الكرم فقط في العبادات البدنية
    وربما لم يتجاوزا الزكاة فقط ويقدحون بالكرماء
    مسمين ذلك غباء وحماقة
    طرح راقي وواعي شكرا لك
    ماعون اخوك النادي

  5.   طلعت ياسين المعبقي | يوم 18 يناير, 2017 | الساعة 11:53 م  

    اﻟﻨﺎﺱ ﻟﻠﻨﺎﺱ ﻣﺎﺩﺍﻡ ﺍﻟﻮﻓﺎﺀ ﺑﻬﻢ … ﻭﺍﻟﻌﺴﺮ ﻭﺍﻟﻴﺴﺮ أﻭﻗﺎﺕ ﻭﺳﺎﻋﺎﺕ
    ﻭأﻛﺮﻡ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻮﺭى ﺭﺟﻞ … تقضى على ﻳﺪﻩ ﻟﻠﻨﺎﺱ حاجات

اكتب تعليق





يمكنك أيضاً متابعة التعليقات على هذا الموضوع عن طريق ملف الخلاصات RSS 2.0